صحيفة "الحقيقة" تكتب:
منذ بداية العام 2025، كان واضحاً أن الحياة الاجتماعية والسياسية في البلاد هي (وستظل) في مرحلة إعادة تشكيل وبحث، حيث ستلعب العلاقة بين الحكومة والمعارضة والمجتمع المدني والتغيرات في المزاج العام، فضلاً عن اندماج المؤثرات الخارجية، دوراً حاسماً في تطور الأحداث الجارية والعمليات السياسية المستقبلية، لا سيما بالنظر إلى التأثير الكبير للانتخابات النيابية المتوقعة العام المقبل.
كما كان الحال في السنوات الماضية، ظلت القوة الدافعة للحياة السياسية الداخلية هي أجواء الكراهية والتعصب المتبادل والتجديف. ومن الطبيعي أن تصبح المناقشات البناءة والموضوعية مستحيلة في مثل هذه الأجواء السامة. ونتيجة لذلك، شهدنا اتهامات متبادلة أكثر من المناقشات الهادفة حول البرامج السياسية.
وعلى الرغم من إعلان سلطات جمهورية أرمينيا عن اتباع القيم الديمقراطية وتسجيل التقدم، إلا أن جميع التقاليد الديمقراطية في بلادنا كانت تنتهك باستمرار ولا تزال تنتهك. ونتيجة لذلك، بلغ الاضطهاد السياسي ذروته (على الرغم من أن كل شيء، كما يشير العديد من الخبراء، لا يزال أمامنا، وربما لم نصل إلى الذروة بعد).
أظهر الوضع أنه إذا كان أي شخص يشارك في السياسة، وعلاوة على ذلك، فهو مدرج في صفوف المعارضة، فهو هدف محتمل لعصا إنفاذ القانون. في الوقت نفسه، تعرض عدد من كبار رجال الكنيسة لضغوط قانونية، بسبب مظاهر المعارضة الحادة بين الكنيسة والسلطات السياسية.
في تاريخ أرمينيا المستقلة حديثاً، لم يتم تسجيل حالة مماثلة على الإطلاق، وهي أن الكنيسة، كمؤسسة منفصلة، بكل عيوبها، تعرضت لهجوم من قبل رئيس السلطة السياسية، الذي داس على جميع الأعراف الأخلاقية والقانونية المكتوبة وغير المكتوبة. بالإضافة إلى ذلك، واصلت حكومة باشينيان تشويه سمعة نظام القيم الوطنية لدينا، من التاريخ إلى الرموز الوطنية.
ونتيجة لذلك تشكل ما يسمى بمفهوم "أرمينيا الحقيقية" الذي يشوه الماضي التاريخي للشعب الأرمني. إلى جانب كل هذا، أصبح واضحاً خلال عام 2025 أن باشينيان سيذهب إلى الانتخابات بـ«أجندة سلام» حجر الزاوية فيها هو إبرام معاهدة سلام مع أذربيجان، وبديلها حرب جديدة.
لكن الوضع هش للغاية، وبسبب تغير الوضع الدولي، يمكن أن ينهار السلام الهش بسرعة كبيرة، الأمر الذي ستتبعه جولة أخرى من التصعيد. رغم عدم التوقيع على وثيقة السلام..
وبينما واصلت أرمينيا تقديم التنازلات لأذربيجان خلال العام، كان ترتيب وشعبية القوة السياسية الحاكمة في تراجع. وبما أن الحزب الشيوعي هو حزب رجل واحد، فمن المدمر بالنسبة له أن المواقف السياسية لنيكول باشينيان قد ضعفت بشكل خاص، مما أدى إلى انخفاض حاد في تصنيفه، حيث وصل إلى 11.5-13٪.
بمعنى آخر، فقد شعبيته إلى الأبد، ولم يعد لحزبه، كوحدة سياسية، أي علامة على أي مكانة على الإطلاق. وهذا يعني أنه في حالة إجراء انتخابات نزيهة وحرة ونزيهة، يمكن للحزب الشيوعي أن يأمل على الأكثر في التغلب على العتبة المؤقتة.
ولهذا السبب يستعد نيكول باشينيان لانتخابات غير ديمقراطية، ويحاول من أجل ذلك إيجاد دعم في الخارج، لتدعمه قوى خارجية في إعادة تأسيسه نتيجة لبعض الاتفاقات.
وهناك بوادر قلق في أذربيجان إلى جانب تفعيل المعارضة في أرمينيا، ولا يستبعد أن تستمر تركيا وأذربيجان في اتخاذ خطوات رمزية لدعم السلطات الحالية، لتعاد حكومة باشينيان العام المقبل وتستمر في طريق التنازلات.
من ناحية أخرى، وعلى الرغم من استمرار ضعف مواقف القوة السياسية الحاكمة منذ بداية العام، بسبب الاستياء الداخلي وعدم كفاءة السياسة الخارجية من وجهة نظر حماية مصالح البلاد، إلا أن قوى المعارضة لم تتمكن من استغلال اللحظة وتنفيذ تغيير في السلطة.
وخلال العام الماضي، ابتعدت المعارضة عن حراك الشارع، وركزت قواها أكثر نحو الانتخابات النيابية العام المقبل.
الآن بدأت تحولات جديدة في الساحة المعارضة، وقوى جديدة تقدمت بطلب للدخول إلى البرلمان، لماذا لا، من أجل تحقيق تغيير في السلطة.
ومع ذلك، لا تزال قوى المعارضة غير قادرة على تشكيل منصة موحدة، وفي بعض الحالات، تنشغل هذه الوحدات السياسية في التشهير ببعضها البعض أكثر من انتقاد السلطات، وهو ما يعد مجرد طحين لطاحونة نيكول باشينيان.
وستكون بداية عام 2026 حاسمة على صعيد تشكيل جمعيات وتحالفات جديدة في مجال المعارضة، فضلاً عن التوصل إلى اتفاقات بين القوى غير الموحدة مادياً حول بعض القضايا الأساسية. أما بالنسبة للجمهور، فقد تم خلال العام الحفاظ على أقصى قدر من الجمود تجاه العمليات السياسية داخل المجتمع، وذلك نتيجة لخيبة أمل الناس في السياسة.
آرثر كارابيتيان








